زيارة في منتصف الليل

سأحكي لكم حكاية حصلت معي منذ مدة اعتبرها حكاية مثيرة و مرعبة ميتافيزيقية بطبيعة الحال ...ابتدات القصة ذات ليلة مكفهرة حالكة ..لا اسمع الان سوى صوت الرعد يضرب كل قنت و لا ارى خلف زجاج النوافذ غير ضوء ازرق يرتعد بين الفينة و الاخرى ثم هاهي الامطار تتهاطل بغزارة شديدة و مقلقة ...الوقت متأخر و الشوارع خالية ..اسمع احيانا صوت سيارات تمر من هذا الشارع او ذاك ...على العموم احسست بشيء من الملل او القنط او لا ادري ما هو بالضبط رحمك الله يا زوجتي العزيزة كنتي تؤنسين وحدتي و فراغ اوقاتي ...و ها انا الان بدونك تائه غارق في محيطات العزلة و الملل ..سامحيني لاني كنت ازعجك كثيرا بسفسطتي و ثرثرتي ها انا الان لا اجد اذانا صاغية ازعجها بافكاري الغريبة و فلسفاتي الهوجاء ..اخدك الموت الظالم فجأة دون ان يعتذر أو يأخذ اذني ...يا له من ديكتاتور جبار و قاس..هكذا اجد نفسي كل ليل اكلم نفسي و استرجع ذكرياتي ..تدور في خلدي ملايين الصور و الاحداث تكاد تصيبني بالجنون ...خير لي ان اذهب لانام و كم اتمنى ان لا اكون زبونا من جديد لكابوس مرعب يشد اعصابي النائمة و يلعب بعقلي المسكين ...المهم ذهبت لفراشي قصد النوم و ما كدت افعل حتى رن جرس الباب ....كم كان مرعبا في هذا الوقت ...يرن الجرس ليلا و في جو كهذا شيء مقلق حقا ...و لا ينفع ان اتسائل من يكون يا ترى ؟ ذهبت لافتح الباب ...و بقلب جريء..و عقل متماسك..و عيون لا تزال صاحية ..فتحت الباب فاذا هي جارتي فتحية ..تقف و هي تبكي ..لم افهم ماذا يجري ...ما بك يا اختي فتحية ؟ هل حصل شيء ؟ اكيد ضربها زوجا السكير كما العادة و جائت تستجير بي ..هيا كفي عن البكاء و اخبريني ماذا حدث؟ استطردت بصوت متقطع ارجوك زوجي دخل البيت و هو ثمل للغاية لا يدري ما يفعل او يقول و اخد يشتمني و يضربني لا اعرف ماذا افعل ساعدني ارجوك ...انا خائفة ربما يقتلني ..قلت لها اهدئي قليلا اهدئي اين هو الان ؟
اجابت انه بالبيت لقد هربت ولا اعرف ماذا افعل ربما ينتظرني كي يقتلني ..انه ليس في وعيه
حاولت تهدأتها و عرضت عليها الدخول لبيتي و لست ادري هل كانت فكرة صائبة ام لا
ربما تصرفت بتهور ...و لكن اين لها ان تذهب في هكذا ظروف صعبة
قلت لها لا يمكنني ان اتركه يؤذيك ..اعرف انه ثمل فاقد الادراك و الضمير ولا جرم انه متشوق لضربك او قتلك ..زوجك مجرم وانا اعرفه
دخلت فتحية و جلست و اقفلت الباب و ذهبت لاحضر لها كاسا من الشاي ..ثم جلست امامها قائلا هل اتصل بالشرطة ؟
ظلت فتحية شاردة الذهن واجمة لا تنبس بكلمة ثم كررت السؤال هل اتصل بالشرطة ؟
اجابت افعل ما تراه مناسبا
فكرت مليا في الموضوع ثم سألتها من جديد هل ضربك كثيرا؟
قالت لقد قتلني ضربا و كسر رأسي
قلت لها مستغربا لا ارى اثارا للضرب في رأسك
و لكن وجهك اصفر اللون لدرجة مخيفة و شفاهك تبدو زرقاء و كان الدم تجمد في عروقك
كما لاحظت انك هربت حافية القدمين
ثم كررت نفس السؤال من جديد حتى اتاكد من قرارها هل اتصل بالشرطة ؟
قالت نعم اتصل
حسنا انتظري هنا ساحضر هاتفي .....
تركتها جالسة في باهو البيت و دخلت حجرتي ..اين هو الهاتف اين هو هاتفي الخلوي .. هاهو تحت وسادتي ..اتصلت بالشرطة و اخبرتهم
سألني المفتش ما اسم المرأة
اخبرته باسمها بالكامل و عنوانها و اسم زوجها
طلب مني الانتظار قليلا و طال الانتظار ...ثم رجع ليسألني هل انت متاكد من الاسم و العنوان الذين اعطيتني
قلت له نعم متاكد و الضحية معي بالبيت و هي خائفة للغاية ..قد يقتلها زوجها هذه الليلة ..
قال لي بطريقة جمدت عروقي دماغي هذا الاسم مقيد عندنا لامرأة عتر عليها مقتولة البارحة في بيتها و كان زوجها هو القاتل و قد تم القبض عليه في نفس العنوان الذي اعطيتنا ..هل انت حقا تقطن بهدا العنوان ؟ ام تحاول ازعاج السلطات و السخرية بهم ...
هنا تسمرت في مكاني و رميت الهاتف و اسرعت مهرولا نحو جارتي فتحية و كم كانت دهشتي قوية لا احد في بهو المنزل ..جارتي لا وجود لها اين ذهبت ؟ او بالحري اين اختفت ؟ الباب لا زالت موصدة و كاس الشاي لا زال ممتلأ لم يشربه احد ولا اثر لمخلوق هنا ...
فتحت باب منزلي و نظرت خارجا ..لا احد هناك ...
قررت ان اصعد نحو بيت جارتي كي اتاكد ..لا اظن اني فقدت عقلي ولا اظن انها هلوسة ..اخذت ادق الباب و ادق
لا احد يجيب
اخذت انادي من وراء باب المنزل ..ولا احد يجيب ..فجأة اطلت علي امراة عجوز من احدى النوافذ و هي تقول ماذا تريد بالضبط ..
سألتها هل حدث مكروه لفتحية جارتنا ..؟
اجابتني و هي مستغربة الا تدري ماذا حدث لها ...اين كنت عندما اخرجوها جثة هامدة ليلة البارحة و اعتقلوا زوجها القاتل ؟مسكينة حظها سيء ..قتلت في عز شبابها
تسمرت قدماي من جديد لم اعد ادري ما يحدث من حولي ..حقا اين كنت ليلة امس ؟؟
هل قابلت اليوم شبح ميت ؟
لارجع الان الى بيتي و اعيد ترتيب افكاري من جديد ..و لكن بعد ان انام نوما عميقا و اريح هذا الدماغ قليلا ...و هكذا نمت فوق فراشي و اخذت اشخر و اشخر خرررر خرررر خررررر